جهود الرئيس السيسي لتعليم أفضل لطلاب مصر بين الواقع والإصلاح
بقلم/ زكريا جلاب
شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة جهودًا كبيرة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي للنهوض بمنظومة التعليم، إدراكًا لأهميته في بناء المستقبل. حيث أطلقت الدولة العديد من المبادرات، مثل تطوير المناهج الدراسية، وتوسيع استخدام التكنولوجيا في التعليم، وإنشاء المدارس الدولية والجامعات الجديدة التي تواكب معايير العصر. ورغم هذه الجهود، لا تزال هناك تحديات على أرض الواقع، أبرزها انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية وضعف البنية التحتية في بعض المدارس الحكومية. وبين هذه المحاولات للإصلاح والتحديات القائمة، يظل السؤال الأهم: كيف يمكن تحقيق تعليم أفضل ومتساوٍ لجميع طلاب مصر؟
لطالما كان التعليم في مصر يمثل حجر الزاوية لبناء الأجيال وتحقيق النهضة وإطلاق العقول نحو الإبداع، لكن في السنوات الأخيرة، بات يُنظر إليه كأنه تجارة أكثر منه رسالة، وأصبحت الدروس الخصوصية عبئًا ثقيلًا يُرهق الأسر بدلًا من أن تكون دعمًا تعليميًا إضافيًا للطلاب. هذا التحول يثير تساؤلات مهمة حول كيفية وصولنا إلى هذه النقطة، وهل من الممكن إعادة صياغة المشهد التعليمي ليصبح أكثر عدلًا وجودة للجميع.
يبدو أن التعليم الخاص يتمتع بموارد وإمكانات أفضل مقارنة بالتعليم الحكومي، حيث يوفّر بيئة أكثر تنظيمًا واستخدامًا للتقنيات الحديثة. ورغم ذلك، يبقى السؤال قائمًا: هل الفجوة بين التعليم الخاص والحكومي مبررة؟ الواقع يشير إلى أن التعليم الحكومي يمتلك إمكانيات هائلة غير مستغلة بشكل كافٍ، إذ يضم معلمين أكفاء وطلابًا موهوبين، إلا أن ضعف البنية التحتية وقلة الموارد، بالإضافة إلى الاعتماد على المناهج التقليدية القائمة على الحفظ بدلًا من التفكير والإبداع، تعيق تقدمه.
من جهة أخرى، أصبحت الدروس الخصوصية جزءًا أساسيًا من مشهد التعليم في مصر، حيث بدأت كوسيلة مؤقتة لدعم الطلاب لكنها سرعان ما تحولت إلى تجارة مربحة. يُرجع ذلك إلى رغبة المعلمين في تحسين دخولهم، وسعي الأهالي لضمان تفوق أبنائهم. هذه الظاهرة لا تمثل فقط استنزافًا ماليًا كبيرًا، لكنها تعكس أيضًا الحاجة الملحة لإصلاح جذري في النظام التعليمي.
التطوير ليس مستحيلًا إذا توفرت الإرادة الحقيقية والجهود المنظمة. يمكن تحقيق ذلك من خلال مراجعة المناهج الدراسية وتحديثها لتكون أكثر اعتمادًا على التفكير النقدي والإبداعي، إلى جانب تدريب المعلمين بشكل مستمر على أساليب تعليمية مبتكرة واستخدام التكنولوجيا الحديثة. كما يجب زيادة تمويل التعليم الحكومي لتوفير بنية تحتية أفضل وموارد أكثر، الأمر الذي سيسهم تدريجيًا في تقليل الاعتماد على الدروس الخصوصية. التعاون بين القطاعين العام والخاص يمكن أن يشكل خطوة إيجابية، حيث يمكن للمدارس الخاصة دعم المدارس الحكومية من خلال برامج شراكة تعود بالنفع على الجميع.
التعليم في مصر يجب أن يكون أكثر من مجرد كتب وامتحانات؛ فهو أداة حقيقية لبناء الإنسان وتنمية قدراته. إذا تمكنا من جعل المدارس بيئة مشجعة على التعلم والإبداع، يمكننا تحقيق نقلة نوعية تليق بطموحات مصر ومستقبل أجيالها. الحلم بتعليم متساوٍ وجاد ليس بعيد المنال، ولكنه يتطلب التزامًا جادًا من المجتمع والحكومة لتحقيق هذا الهدف.