الرحمة: جوهر الإسلام وسبيل التعايش السلمي

Read Time:2 Minute, 24 Second

كتبت/ نورهان التمادى

تعد الرحمة من المبادئ الجوهرية التي يقوم عليها الإسلام، وهي صفة من صفات الله عز وجل التي تتجلى في تعاملاته مع خلقه. تُعتبر الرحمة من أسمى القيم التي يدعو الدين الإسلامي إلى التحلي بها، حيث وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية كمفهوم أساسي يُرشد المسلمين إلى ضرورة أن يكونوا رحماء مع أنفسهم ومع الآخرين، مما يعزز من التعاون والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع. في هذا المقال، سوف نستعرض مفهوم الرحمة في الإسلام مستندين إلى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية.

الرحمة في القرآن الكريم
في القرآن الكريم، تُعتبر الرحمة صفة بارزة لله عز وجل. فقد وردت في العديد من الآيات لتؤكد أن الله هو الرحمن الرحيم، مما يبرز عنايته بالإنسان ورحمته به. يقول الله تعالى: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ” (الأعراف: 156). هذه الآية توضح سعة رحمة الله التي تشمل كل شيء، سواء في الأمور الدنيوية أو الأخروية.

كما يشجع القرآن الكريم على الرحمة بين الناس، حيث يُحث المسلمون على التحلي بهذه القيمة. يقول الله تعالى في سورة الفتح: “فَإِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (الفتح: 2)، مما يُظهر أن الرحمة ليست مجرد صفة إلهية، بل يجب أن يتحلى بها المؤمنون في تعاملاتهم اليومية.

الرحمة في السنة النبوية الشريفة
في السنة النبوية، نجد العديد من الأحاديث التي تُبرز قيمة الرحمة وتحث المسلمين على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اللهم ارحمنا، فإنك بنا راحم، ولا تعذبنا، فإنك علينا قادر، واهدنا إلى خير مما يرضيك.” (رواه مسلم). يُظهر هذا الحديث مكانة الرحمة في الإسلام ويشجع على الدعاء بها في جميع الأوقات.

كما ورد في حديث آخر: “من لا يُؤثِر الناس، لا يُؤثَر عليه” (رواه مسلم)، مما يُعبر عن أهمية الرحمة في العلاقات الإنسانية وأثرها الإيجابي على المجتمع.

ومن أبرز أمثلة رحمة النبي صلى الله عليه وسلم كان تعامله مع الأعداء، حيث عفا عن من أساء إليه وأظهر لهم معاني الرحمة حتى في أوقات الحرب، كما في معركة أحد.

الرحمة في التعامل مع الآخرين
الرحمة في الإسلام تمتد لتشمل جميع المخلوقات. فقد جاء في الحديث الشريف: “من لا يُرحم لا يُرحم” (رواه البخاري). الرحمة تُعتبر أساسًا من أسس التعاملات البشرية التي تحقق التآلف والوحدة، حيث حث النبي صلى الله عليه وسلم على رحمة الضعفاء مثل الأيتام والنساء والعمال.

آثار الرحمة في المجتمع
إذا تم تطبيق مفهوم الرحمة في المجتمع، فإنها ستؤدي إلى تماسكه واستقراره، وتحقيق العدالة والتعاون بين الأفراد. الرحمة تمنع الغلظة والقسوة، وتشجع على التعاون والمساعدة، وهي عامل مهم في تحقيق السلام الداخلي بين الناس.

في الختام، نرى أن الرحمة ليست مجرد صفة تربوية أو أخلاقية، بل هي ركيزة أساسية في الدين الإسلامي. الله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالرحمن الرحيم، وأمر عباده بأن يتبعوا هذه الصفة في تعاملاتهم. من خلال القرآن والسنة، نجد أن الرحمة تتضمن الحلم والعفو والتسامح والرفق، مما يجعلها وسيلة للوصول إلى رضا الله عز وجل.